الجبول

سبخة الجبول

موئل فريد للحياة البرية

تقع سبخة (بحيرة) الجبول جنوب شرق مدينة حلب قرب قرية الجبول وتبعد عن مركز المدينة حوالي 40 كم تقريباً، يبلغ طول البحيرة في الحالة الراهنة حتى صيف 2013 حوالي 40 كم من الجبول شمالاً وحتى قرية رسم النفل جنوباً وعرض البحيرة يتراوح بين 3- 10 كم، وتبلغ مساحتها عند ذروة المسطح المائي 262 كم²، وعمق الماء ما بين 20 سم- 160سم، وينعزل عنها من الجنوب الشرقي بحيرة عميقة (بحيرة الحمرات). تشكلت البحيرة من عدة ينابيع كانت على أطرافها كعيون نعيم (تل شلاش) والسلة غرباً وكذلك مياه الأمطار المباشرة الهاطلة على سطح البحيرة أو التي تصل إليها على شكل سيول من الوديان المحيطة بها مثل وادي الذهب لتشكل السبخة الموسمية، وخلال السنوات الأربعين الأخيرة أصبحت مياه الصرف الزراعي وتدفق مياه التبريد والتكرير من معمل سكر مسكنة والفائض من عملية ري الأراضي الزراعية هي المورد الأساسي لتزويد البحيرة بالمياه. وقبل هذا الاتساع في مساحتها كانت عبارة عن سبخة موسمية جرداء تحفها نباتات القصب والنباتات المرافقة ويتخللها بعض بقع المياه شتاءً. وقد ذاع صيت البحيرة منذ زمن بعيد لاشتهارها بالملح الطبيعي المستخرج منها والمعروف بالملح الجبولي الشهير، وقد بينت الدراسة أن تربة قاع البحيرة المكونة من الغضار الغني ببقايا النباتات المتفسخة (لكون الغضار وهو الناتج الاخير لتعرية الصخور ذات المصدر الاندفاعي) هي بالأساس تربة مشبعة بالمياه التي تصل درجة ملوحتها إلى 230غ/ل وهذه المياه هي المصدر المتجدد للملح الجبولي ضمن نظام بيئي ملحي طبيعي.

تشكل بحيرة الجبول ومنذ القديم موئلاً للعديد من أشكال الحياة البرية كما تشكل موقعاً ذا أهمية عالمية لاستراحة الطيور المهاجرة ومصدراً لتغذيتها، ومن أهمها طائر “الفلامنغو” الذي يقدر المختصون أن أكثر من 1% من التعداد العالمي لهذا الطائر يوجد في الجبول، كما يعيش فيها وحولها العديد من أنواع الأسماك والحيوانات البرية المهددة بالانقراض، وقد ساعد على ذلك نمو غطاء نباتي متميز بالقرب منها كنباتات الحلفا والبردي والقصب، بالإضافة إلى أنواع من النباتات المقاومة للملوحة التي تنمو في أطراف سبخة الجبول والتي يفوق عددها /50/ نوعاً نباتياً، ما جعل البحيرة مرتعاً للطيور المقيمة والمهاجرة والعابرة، كونها تقع في منطقة عبور الطيور المهاجرة. هذا التميز الطبيعي دفع الطيور عبر الزمن لجعلها محطة استراحة وتغذية لها أثناء هجرتها وعبورها وتطورت لتكون منطقة تكاثر لبعض أنواع الطيور التي لم تكن تتكاثر فيها من قبل، كما أنها من المواقع المهمة لاستراحة وتشتية للعديد من الطيور المائية المهاجرة وأحد المناطق المهمة للطيور IBAs في سورية. وقد وصل عدد أنواع الطيور المسجلة فيها إلى ما يزيد عن 120 نوعاً. أُعلن جزء منها كمحمية طبيعية في العام 1997، وأُدرجت على قائمة مواقع الأراضي الطبيعية الرطبة الهامة ضمن جداول الاتفاقية الدولية لحماية الأراضي الرطبة (رامسار – RAMSAR).

وقد ساعد هذا التنوع الحيوي الكبير إلى استقرار جزء مهم من المجتمع المحلي في هذا الموقع. لقد أعطت هذه السبخة مقومات استقرار جزء مهم من المجتمع المحلي بفعل ما قدمته عبر الزمن من موارد طبيعية، من أسماك وطيور وثدييات متنوعة إضافة إلى استخراج الملح حيث يستخدم الجزء الغربي منها كمملحة ضمن الاستثمار الاقتصادي. كما يعد جمع الملح من أطراف السبخة في فصل الصيف مورداً اقتصادياً مهماً لسكان المنطقة، إضافة إلى تطور النشاط الزراعي خلال العقود الخمسة الماضية.